الخميس، 11 أغسطس 2016

قصة موسي عليه السلام من الروائع والخيال

قصة موسي عليه السلام ... ( الجزء الثاني )
نشأة موسى في بيت فرعون :
أتمت أم موسى رضاعته وأسلمته لبيت فرعون ، كان موضع حب الجميع كان لا يراه أحد إلا أحبه ن وها هو ذا في أعظم قصور الدنيا يتربى بحفظ الله وعنايته ، بدأت تربية موسى في بيت فرعون ، وكان هذا البيت يضم أعظم المربين والمدرسين في ذلك الوقت ، كانت مصر أيامها أعظم دولة في الأرض ، وكان فرعون أقوى ملك في الأرض ، ومن الطبيعي أن يضم قصره أعظم المدربين والمثقفين والمربين في الأرض ، وهكذا شاءت حكمة الله تعالى أن يتربى موسى أعظم تربية وأن يتعهده أعظم المدرسين ، وأن يتم هذا كله في بيت عدوه الذي سيصطدم به فيما بعد تنفيذا لمشيئة الخالق .
وكبر موسى في بيت فرعون ، كان موسى يعلم أنه ليس ابنا لفرعون ، إنما هو واحد من بني إسرائيل ، وكان يرى كيف يضطهد رجال
فرعون وأتباعه بني إسرائيل .. وكبر موسى وبلغ أشد ه.. (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا)[1] وراح يتمشى فيها ، فوجد رجلا من أتباع فرعون وهو يقتتل مع رجل من بني إسرائيل ، واستغاث به الرجل الضعيف فتدخل موسى وأزاح بيده الرجل الظالم فقتله ، كان موسى قويا جدا ، ولم يكن يقصد قتل الظالم ، إنما أراد إزاحته فقط ، لكن ضربته هذه قتلته ، ففوجئ موسى به وقد مات وقال لنفسه: (هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ)[2] ، ودعي موسى ربه : (قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي)[3]وغفرالله تعالى له، (إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُالرَّحِيمُ)[4].
أصبح موسى (فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ)[5] ، كان هذا حال موسى ، حال إنسان مطارد ، فهو خائف ، يتوقع الشر في كل خطوة ، وهو مترقب ، يلتفت لأوهى الحركات وأخفاها .
ووعد موسى بأن لايكون ظهيرا للمجرمين ، لن يتدخل في المشاجرات بين المجرمين والمشاغبين ليدافع عن أحد من قومه ، وفوجئ موسى أثناء سيره بنفس الرجل الذي أنقذه بالأمس وهو يناديه ويستصرخه اليوم ، كان الرجل مشتبكا في عراك مع أحد المصريين ، وأدرك موسى بأن هذا الإسرائيلي مشاغب ، أدرك أنه من هواة المشاجرات ، وصرخ موسى في الإسرائيلي يعنفه قائلا : (إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُّبِينٌ)[6]. قال موسى كلمته واندفع نحوهما يريد البطش بالمصري ، واعتقد الإسرائيلي أن موسى سيبطش به هو ، دفعه الخوف من موسى إلى استرحامه صارخا ، وذكّره بالمصري الذي قتله بالأمس ، فتوقف موسى ، سكت عنه الغضب وتذكر ما فعله بالأمس ، وكيف استغفر وتاب ووعد ألا يكون نصيرا للمجرمين ، استدار موسى عائدا ومضى وهو يستغفر ربه .
أدرك المصري الذي كان يتشاجر مع الإسرائيلي أن موسى هو قاتل المصري الذي عثروا على جثته أمس ، ولم يكن أحد من المصررين يعلم من القاتل ، فنشر هذا المصري الخبر في أرجاء المدينة ، وانكشف سر موسى وظهر أمره ، وجاء رجل مصري مؤمن من أقصى المدينة مسرعا ، ونصح موسى بالخروج من مصر ، لأن المصريين ينوون قلته.
لم يذكر القرآن الكريم اسم الرجل الذي جاء يحذر موسى ، ونرجح أنه كان رجلا مصريا من ذوي الأهمية ، فقد اطلع على مؤامرة تحاك لموسى من مستويات عليا ، ولو كان شخصية عادية لما عرف ، يعرف الرجل أن موسى لم يكن يستحق القتل على ذنبه بالأمس لقد قتل الرجل خطأ ، فيجب أن تكون عقوبته السجن على أقصى تقدير .
لكن رؤساء القوم وعليتهم ، الذين يبدوا أنهم كانوا يكرهون موسى لأنه من بني إسرائيل ، ولأنه نجى من العام الذي يقتل فيه كل مولود ذكر ، وجدوا هذه الفرصة مناسبة للتخلص من موسى ، فهو قاتل المصري ، لذا فهو يستحق القتل
خرج موسى من مصر على الفور ، خائفا يتلفت ويتسمع ويترقب في قلبه دعاء لله (رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)[7] ، وكان القوم ظالمين حقا ، ألا يريدون تطبيق عقوبة القتل العمد عليه ، وهو لم يفعل شيئا أكثر من أنه مد يده وأزاح رجلا فقتله خطأ .. !
خرج موسى من مصر على عجل ، لم يذهب إلى قصر فرعون ولم يغير ملابسه ولم يأخذ طعاما للطريق ولم يعد للسفر عدته ، لم يكن معه دابة تحمله على ظهرها وتوصله ، ولم يكن في قافلة ، إنما خرج بمجرد أن جاءه الرجل المؤمن وحذره من فرعون ونصحه أن يخرج ، اختار طريقا غير مطروق وسلكه ، دخل في الصحراء مباشرة واتجه إلى حيث قدرت له العناية الإلهية أن يتجه ، لم يكن موسى يسير قاصدا مكانا معينا ، هذه أول مرة يخرج فيها ويعبر الصحراء وحده .
ظل يسير بنفسية المطارد حتى وصل إلى مكان ، كان هذا المكان هو مدين ، جلس يرتاح عند بئر عظيمة يسقي الناس منها دوابهم ، وكان خائفا طوال الوقت أن يرسل فرعون من وراءه من يقبض عليه .
لم يكد موسى يصل إلى مدين حتى ألقى بنفسه تحت شجرة واستراح نال منه الجوع والتعب ، وسقطت نعله بعد أن ذابت من مشقة السير على الرمال والصخور والتراب ، لم تكن معه نقود لشراء نعل جديدة ، ولم تكن معه نقود لشراء طعام أو شراب .
إلى لقاء الله تعالي فى الجزء الثالث ....

0 التعليقات: